تعرف على رستم باشا (الصدر الأعظم)، والذي شغل منصب الوزير الأعظم في عهد السلطان سليمان القانوني. يُعتبر رستم باشا رجل سياسي ورجل أعظم عثماني كرواتي الأصل وهو من مؤرخي العثمانيين، كما لُقّب أيضاً بداما رستم باشا حيث يُشير لقب دامات إلى كونه صهر للسلالة العثمانية، فما هي أبرز المعلومات عن رستم باشا وما هيَ جُلّ أدواره في تعزيز اقتصاد الدولة العثمانية؟ معلومات كثيرة سنتعرف عليها في هذا المقال.
أصول رستم باشا الصدر الأعظم
يرغب الكثيرون بمعرفة إلى أي أصول يعود رستم باشا، حيث أكدت مصادر موثوقة في الدولة العثمانية ومن بينها المؤرخ التركي مصطفى علي، أن باشا الصدر الأعظم صربي الأصل، بينما ذكر المؤرخ التركي طيب عثمان زاده أحمد أن رستم باشا كرواتي النسب، أما السلطان سليمان القانوني أكد أنه بوسني.
وقد ذُكر عن رستم باشا أنه من أصول متواضعة جداً، بحيث كان يسخر حياته المهنية في سبيل دعم خرم السلطان. كما عُرف بالطَّموح والعاقل الذي يعمل عقله وذكائه في سبيل خدمة مصالح حاكمه، حيث جاء إلى القسطنطينية وهو طفل للدراسة في معهد اندرون لتعليم عقيدة الأولاد الموهوبين الذين أُخذوا من والديهم المسيحيين في البلقان.
وبالنتيجة كان خريجي هذا المعهد قادرين على القراءة والكتابة والتحدث بطلاقة بثلاث لغات على الأقل، إضافة إلى قدرتهم البالغة على فهم آخر المستجدات الحاصلة في التمويل والعلوم والتفوق في قيادة الجيش، ومن ضمنها المهارات القتالية القريبة، لذا فقد أصبح باشا من بين هؤلاء الذين ساهموا بتطوير الدولة العثمانية بشكل كبير، كما جمع ثروة كبيرة سخر قسماً كبيراً منها لخدمة الدولة، وأهم ما ساعده على بنائها هو موهبته الاقتصادية الشهيرة وأسلوبه المتواضع في الحياة.
اقرأ أيضًا: تعرف على مطعم كبابجي محمود kebapçi mahmut restaurant
نبذة عن حياة الصدر الأعظم رستم باشا
يُعتبر رستم باشا من مؤرخي العثمانيين وقد كان رجل دولة عثماني عاش في الفترة ما بين عامي 1500- 1561، وشغل منصب الوزير الأعظم وذلك في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني وعُرف بأنه أحد الوزراء الأكثر نجاحاً ونفوذاً في الامبراطورية العثمانية، كما أنه تزوج من “مهرماه سلطان” ابنة السلطان سليمان الأول، بينما كان شقيقه سنان باشا أميرالاً عثمانياً كبيراً ومعروفاً، ونتيجةً لذلك عرف بكونه صهر للسلالة العثمانية.
شارك باشا عام 1526 في معركة موهاكس بصفته “سلحدار” أي حامل السلاح في فرقة سلاح الفرسان، ثم تقدم بعد بضع سنوات إلى وظيفة المُشرف الرئيسي على اسطبلات السلطان، ووظيفة ” ركاب دار” أي حامل الركاب عندما يصعد الحاكم على الحصان، إضافة إلى ذلك رافق الميراهور السلطان أثناء أسفاره ورحلاته، وهذا ما جعله مقرباً ومعروفاً بشدة من قِبل السلطان سليم.
أجمعت معظم المصادر التركية بأن باشا (الصدر الأعظم) كان لديه من الحكمة والعقل والهدوء والذكاء ما يساعده على التحلي برباطة جأش عظيمة، كما كان مكرساً لحاكمه دون شروط أو قيود، علاوةً على ذلك إيمانه الشديد والذي جعله مقرباً من سليمان القانوني والفقيه الشهير أبوسود أفندي، إضافة إلى أنه أول وزير كبير في تاريخ الإمبراطورية العثمانية له دور كبير في تطوير الدولة العثمانية آنذاك من أمواله الخاصة بسبب ثروته الكبيرة التي جمعها، والتي قدرت بآلاف الأطنان وعدد من القصور وآلاف العبيد والخيول ومئات المصاحف بعضها مكتوب بماء الذهب.
اقرأ أيضًا: أفضل صالونات الحلاقة للرجال في إسطنبول، اكتشفها الآن
زواج رستم باشا من السلطانة مهرماه
تزوج الصدر الأعظم رستم من السلطانة مهرماه عام 1539 وكان لهذا الزواج طابع سياسي، حيث تم ترشيحه بعد زواجه لمنصب الوزير الأعظم، وقد اشتهرت مهرماه كراعية للفنون عام 1544. عمل باشا على دعم مؤسسات مهرماه الخيرية مثل مسجد مهرماه سلطان في أوسكودار، أيضاً قام بتعليمها كيفية اتخاذ الكثير من القرارات المالية والسياسية حيث كانت ثقته بزوجته جلية تماماً في وصيته الأخيرة.
استمرت مهرماه في رحلاتها مع والداها حتى بعد وفاة زوجها، والجدير بالذكر أن رستم باشا كان ثرياً حين تقدم للزواج من السلطانة مهرماه، حيث كان يملك مهنة رائعة عام 1538 كحاكم أناضوليا التي تعتبر من المناطق الإدارية الهامة في الإمبراطورية العثمانية، ولهذا السبب لم تتوقف مهام رستم باشا بعد وفاته، حيث أنجزت السلطانة مهرماه عمله ومن بينها مسجد رستم باشا الذي يعتبر من أكثر مشاريع معمار سنان المثيرة للإعجاب. أنجبت مهرماه من رستم باشا ابنتهما عائشة همسة سلطان التي تزوجت عام 1561 من سيميز علي باشا.
اقرأ أيضًا: تعرف على كاراكوي karaköy الحي الأضخم في إسطنبول
إنجازات رستم باشا
حتى بعد وفاته استمرت الكثير من الإنجازات التابعة لرستم باشا في سبيل تعزيز وبناء الدولة العثمانية، حيث ترك وصية قبل وفاته قدم فيها جرداً لجميع التفاصيل المتعلقة بممتلكاته بغية تأمين كافة مشاريعه التأسيسية بعد وفاته. وقد ذكر الكثير من المؤرخين أن رستم باشا عمل بشكل مفرط لتعزيز اقتصاد الدولة التي تواجه الفقر إزاء الإنفاق على الحروب، كما قدم بسخاء من موارده الخاصة لتحسين نمط الحياة السائد، فضلاً عن الكثير من الإنجازات بالغة الأهمية مثل:
- دعم الزراعة
- تأسيس مراكز تجارية جديدة كمصانع الحرير في بورصة واسطنبول، والبازار في سراييفو
- تأسيس الكثير من المؤسسات التعليمية والاجتماعية.
- تطوير الاقتصاد المحلي عن طريق تشجيع مشاريع الأشغال العامة الكبرى.
- بناء بنية تحتية حديثة كطرق التجارة؛ وشبكات المياه في مكة واسطنبول والقدس.
- بنى مسجد السليمانية محققاً حلم سليمان القانوني.
- موّل باشا مشاريع معمارية ضخمة قام السلطان معمار سنان بتحقيقها، وذلك للحد من الحمائية في إدارة الدولة العثمانية.
دور رستم باشا في مقتل الأمير مصطفى
ذكرت مصادر المؤرخين بأن السلطانة خَُرم قد سعت إلى زحزحة ولي عهد القانونى مصطفى ابنه من زوجته الأولى ماه دوران من ولاية العهد لجعل أحد أبنائها سلطاناً مستقبلياً، فاستعانت على ذلك برستم وقاموا بتكوين حلف حلفاً ضد الأمير، فماذا كان دور باشا الصدر الأعظم؟
- استعان رستم برجاله داخل الديوان وفي القصر لإيصال معلومات كاذبة للسلطان بأن مصطفى يتهيأ للجلوس على العرش وأن الإنكشارية تدعمه في ذلك، لكنّ واجه السلطان في البداية هذه المؤامرات بالحزم معلناً ثقته التامة في مصطفى.
- قام باشا بتزوير ختم الأمير مصطفى وأرسل بواسطته رسالة إلى شاه الصفويين باسم مصطفى عارضاً عليه إبرام معاهدة معه مقابل دعمه للوصول للعرش والإطاحة بسليمان، وعندما وصل الرد حمله رستم إلى سليمان ليدل على خيانة مصطفى؛ وقد اقتنع سليمان بخيانة ابنه بسبب ثقته الشديدة برستم.
- في الحملة على الدولة الصفوية عام 1553 م كان الجيش في إيرجلي فوجه رستم دعوة لمصطفى للانضمام للجيش، وقام أيضاً بتحذير السلطان من أن مصطفى كان قادماً لقتله، فغضب سليمان كثيراً لهذه الخيانة وأمر بقتل إبنه. وقد قُتل خنقاً بخيط من حرير بمجرد دخوله لخيمة والده، ودفن في بورصة
اقرأ أيضًا: فينيسيا مول إسطنبول: إيطاليا بين يديك
وفاة رستم باشا الصدر الأعظم
توفي رستم باشا الصدر الأعظم بعد صراع مع المرض وذلك في 10 يوليو من عام 1561، لكن بعض الأخبار المتواردة ذكرت أنه قُتل بعد اكتشاف سليمان لمكائده ضد الأمير مصطفى وابراهيم باشا زوج أخته خديجة. ودُفن في مسجد شهرزاد الرائع، والمخصص لابن سليمان المفضل شهرزاد محمد، حيث لم يكن مشروع حلم رستم (مسجد رستم باشا) قد تم بنائه بعد، ثم بعد وفاته خلفه زوج ابنته سيمز علي باشا.
هذه كانت أهم المعلومات عن رستم باشا (الصدر الأعظم) الذي كان أحد رجال الدولة العثمانية الأثرياء لدرجة كبيرة، وعلى الرغم من اختلاف الآراء حوله إلا أنه ساهم بشكل كبير بتطوير الدولة العثمانية آنذاك.
التعليقات