التخطي إلى المحتوى

تشكل الصدمة النفسية بعد الزلزال وطرق علاجها أكثر المواضيع بحثاً بعد الأوقات الصعبة التي يعيشها السوريين والأتراك منذ وقوع الزلزال الذي ضرب شمال سوريا وجنوب شرقي تركيا، حيث باتت الظروف النفسية السيئة تحيط بشخصية الكبار والصغار، فما هي أسباب هذه الصدمة وكيف يمكن معالجتها.

الصدمة النفسية بعد الزلزال

تتعدد ردود أفعال الإنسان في الأيام القليلة التي تلي تلك الكارثة، فمع استمرار تلك الظروف السيئة، يستمر إمداد الجهاز العصبي بالضغوطات النفسية الهائلة، الناجمة عن الخسائر التي تكبدها سواء أكانت مادية ضخمة أو بشرية، ليترجم هذا الإجهاد على هيئة أعراض نفسية قد تكون خفيفة أو قاسية ومؤلمة تتكرر باستمرار وغالباً ما تأتي على هيئة نوبات. 

فمثلاً قد يشعر الناجي المنكوب بتوتر وقلق وخوف وغضب وارتباك لفترة زمنية قصيرة، ثم تساوره في حين آخر شعور بالخدر التام وانفصال عن الواقع، وقد يشعر بكونه عبء وأنه مذنب ومن غير المجدي نجاته، وتترجم هذه المشاعر والأحاسيس على هيئة أعراض جسدية مثل 

  • الإغماء 
  • الشعور باضطرابات في المعدة وفي الذاكرة.
  • التعرق المفرط.
  • عدم الاتزان الحركي.
  • صعوبة في التنفس.

ومن المهم التأكيد على أنّ جميع تلك الأعراض قد تخف حدتها مع مرور الوقت في حال تم معالجة كل منها بالشكل السليم، وإلا فقد يفتح هذا الباب الصراع مع اضطراب ما بعد الصدمة. 

وقد تظهر أعراض هذا الاضطراب بعد فترة من وقوع الصدمة قد تستمر لشهر أو حتى لسنوات، وتشكل الإصابة به عاملاً إضافياً لمواجهة خطر مشكلات نفسية أخرى مثل الاكتئاب والقلق، واضطراب النوم والأكل.

من الجدير ذِكره أنّ جميع تلك المشاعر والأعراض لا تقتصر على مجموعة الأشخاص الذين عايشوا الكارثة، إذ أنه بات اليوم وفي عصرنا الرقمي هذا تناقل الصور ومقاطع الفيديو وتغطية الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي متاحاً على مدار الساعة، لذلك يشكل تعرض أي منا لهذه المشاهد المروعة و المآسي والمعاناة وخسارات الناس إرباك أجهزتنا العصبية لتكون ضغط وأذى نفسي، كما لو كنا عايشنا الكارثة بشكل مباشر.

كيف يتخلص الناجي من اضطرابات ما بعد الصدمة؟

الصدمة النفسية بعد الزلزال
الصدمة النفسية بعد الزلزال

يجب أن يدرك الناجي أن حجم تلك الكارثة يفوق قدرتنا جميعاً على التحمل وليس فقط هو، وأن ما يتوجب عليه فعله حالياً هو محاولة التخفيف لدرء إصابته بأمراض، ونوبات نفسية شديدة فيما بعد.

على أثر ذلك يتوجب عليك تأمين مسكن آمن ووسيلة تدفئة في حالات البرد، والسعي دوماً لتذكير نفسك بزوال الخطر وأنك الآن بأمان، وفي حال كنت ناجٍ وتواصلت مع ناجٍ آخر، تجنب الحديث عن الحادثة وحاول عدم غمره بأحاديث تدل على أنك تشعر بما يشعره، لكونه سيجد صعوبة في تصديق كلامك لكونك لم تعش ذلك، وإنما حاول أن تستمع له جيداً، لكون التعبير وتفريغ مشاعر الغضب واليأس والحزن يؤدي لعدم تراكم تلك المشاعر لتصبح فيما بعد عاملاً من عوامل الإجهاد النفسي المزمن وضغطاً وإرهاقاً الجهاز العصبي. 

وفي حال عدم رغبته بالحديث عن الحادثة احترم ذلك ولا تصر، فكما أسلفنا الذكر أن طريقة تعبير أي منا تختلف عن الآخر ومع تعامله معها، كما يشكل جميع ما ذكر هنا حجر الأساس لأي دعم نفسي.

مدة استمرار الصدمة النفسية بعد الزلزال

تستمر الصدمة النفسية بعد الزلزال لمدة تصل إلى سنة وصنفت من ضمن التأثيرات النفسية طويلة الأمد، وذلك وفق دراسة علمية على مسارات هذا الاضطراب النفسي، والتي تم إجراؤها على الناجين من الزلزال الذي ضرب شرق اليابان في عام 2011، وذلك وفق ما تم نشره على موقع JAMA Network. 

حيث تناولت تلك الدراسة دراسة حالات الأشخاص الكبار في السن الذين يعيشون ضمن المجتمع الياباني والبالغ عددها 2781 حالة شخص، وأشارت الدراسة إلى أن ما يقرب نصف هذا العدد، تعافى بعدما عانى من أعراض الاضطراب اللاحق للاكتئاب والصدمة بعد الكارثة بمقدار سنة.

اقرأ أيضًا: أكثر من 375 زلزالاً يضرب الجزائر خلال شهر

تخفيف وطأة الصدمة النفسية بعد الزلزال على الأطفال

الصدمة النفسية بعد الزلزال
الصدمة النفسية بعد الزلزال

يشكل عمر الأطفال وعدم إدراكهم لظروف البيئة المحيطة عاملاً مساهماً في تخفيف آثار الصدمة النفسية التي تلي وقوع الزلزال، وكذلك ميزة تميزهم عن البالغين الذين لا يملكون رفاهية عدم تأثرنا الشديد بمآسي توابع الزلزال، وذلك فقط في حال تم توظيف هذا العامل وتلك الميزة بالطريقة الأمثل.

لذلك، من المهم على أهالي الأطفال أو لمن كان في ظروف بيئتهم التزامن مع وقت الكارثة الانتباه إلى أن طريقة تعامل الطفل مع الكارثة يعتمد بشكل أساسي على الطريقة التي يتعامل من حوله معها. 

كما أن قيامك بأمور بسيطة كاحتضان طفلك وإشعاره بأنّه بأمان قد يساعد ه على درء خطر تطور الأعراض النفسية البسيطة إلى صدمة نفسية طويلة الأمد. 

كما سيساعدك في ذلك، السماح للطفل ومنحه المجال الكافي للتعبير والحديث عن مشاعره بالطريقة التي يريدها، وعدم إيقافه عن البكاء أو حثه على الصمت.

كما تساهم محاولاتك في إبعاد طفلك عن الظروف التي من شأنها إعادة إحياء حدث الزلزال من خلال إبعاده عن رؤية أي من مقاطع الفيديو والصور وكذلك الأصوات المتعلقة به بشكل وبآخر، والسعي للإجابة على جميع الأسئلة التي يحاول الاستفسار عنها حول الزلازل وأسباب حدوثها بشكل بسيط يفهمه.

كما ويمكنك أن تشغل وقته بالألعاب العلمية التي تساعده في أن يبقى مشغولاً عن البيئة المحيطة ويضمن تطور ونمو قدراته العقلية  ويفضل أن تقوم بترك خيال العالم الوردي في مخيلته وإبعاده عن الظروف المأساوية من خلال ضمان امضائه بعضاً من الوقت في الرسم والتلوين وممارسة بعض الأنشطة الرياضية أو الغناء أو اللعب مع غيره من الأطفال، وزيارة الحدائق، وقراءة قصص ما قبل النوم، أو أي من النشاطات التي كان يقوم بها قبل وقوع الزلزال، لتساعده في تخطي هذه المحنة والشعور بالأمان.

اقرأ أيضًا: ما هي أسباب الهزات الأرضية المتكررة

النتائج المترتبة على الصدمة النفسية بعد الزلزال 

تتسم الصدمة النفسية التي تلي الزلزال بقدرتها على جعلك تعيش ذكرياتٍ حدثت بشكل متكرِّر ومفاجئ متعلقة بالزلزال، كما يمكن أن تسبِّبَ الأحداثُ مثل الزلازل التي تهدِّد من يعيشها بالموت أو بإصابات خطيرة ضائقةً شديدة مزمنة وطويلة الأمد، إضافة إلى إمكانية أن يترافق نوم الأشخاص المتعرضين للزلازل بكوابيس.

كما يشكل خضوع المتضرر سواء أكان طفلاً أو شاباً أو كهلاً لهذا النوع من الكوارث الطبيعية ولاسيما الصدمة النفسية بعد الزلزال وطرق علاجها المتمثلة بخضوعه لرعاية طبية نفسية متخصصة ورغبته بمساعدة نفسه والآخرين عاملاً ضرورياً للنجاة.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *